هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن
جذيمة الخزاعية المصطلقية ، كانت تحت ابن عم لها
يقال له مسافع بن صفوان المصطلقي ، وقد قُتل في يوم المريسيع ،
ثم غزا النبي صلى الله عليه وسلم قومها بني المصطلق
فكانت من جملة السبي ، ووقعت في سهم ثابت بن قيس رضي الله عنه .
...
وزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وقع في السنة
الخامسة للهجرة ، وكان عمرها إذ ذاك عشرين سنة ،
ومن ثمار هذا الزواج المبارك فكاك المسلمين لأسراهم من قومها .
ففي الحديث عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت :
( لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق ،
وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس
أو لابن عم له ، وكاتبته على نفسها
، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم
تستعينه في كتابتها ، فقالت : يا رسول الله ، أنا
جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، وقد أصابني ما لم يخف عليك ،
فوقعتُ في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له
، فكاتبته على نفسي ، فجئتك أستعينك على كتابتي ، فقال لها :
فهل لك في خير من ذلك ؟ قالت: وما هو يا رسول الله ؟ قال
: أقضي كتابتك وأتزوجك ، قالت : نعم يا رسول الله ،
قال: قد فعلت ، وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث ، فقال الناس :
أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسلوا ما بأيديهم
- أي أعتقوا- من السبي ، فأعتق بتزويجه إياها مائة
أهل بيت من بني المصطلق ، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها )
رواه الإمام أحمد في مسنده .
وروى ابن سعد في الطبقات أنه لما وقعت جويرية
بنت الحارث في السبي ، جاء أبوها إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال :
إن ابنتي لا يُسبى مثلها ؛ فأنا أكرم من ذاك
، فخل سبيلها ، فقال
: ( أرأيت إن خيّرناها ، أليس قد أحسنّا ؟) ،
قال : بلى ، وأدّيت ما عليك . ، فأتاها أبوها
فقال : إن هذا الرجل قد خيّرك فلا تفضحينا ، فقالت
: فإني قد اخترت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وغيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها
، فعن ابن عباس قال :
( كان اسم جويرية بنت الحارث برة ، فحوّل
النبي صلى الله عليه وسلم اسمها ، فسماها جويرية )
رواه الإمام أحمد في مسنده .
وكانت رضي الله عنها ذات صبرٍ وعبادة ، كثير
الذكر لله عزوجل ، ولعلّنا نستطيع أن نلمس
ذلك من خلال الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه
( أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على جويرية بنت
الحارث وهي في مسجد ، ثم مر النبي صلى الله عليه
وسلم بها قريباً من نصف النهار ،
فقال لها : ما زلتِ على حالكِ ، فقالت: نعم
، قال ألا أعلمكِ كلماتٍ تقولينها :
سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله
عدد خلقه ، سبحان الله عدد خلقه ،
سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله
رضا نفسه ، سبحان الله رضا نفسه ، سبحان الله زنة عرشه
، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله زنة عرشه ،
سبحان الله مداد كلماته ، سبحان الله مداد كلماته ، سبحان
الله مداد كلماته ) رواه الترمذي ، وصحّحه الألباني .
ولم تذكر لنا كتب الحديث إلا القليل من مرويّاتها
، ومن جملة ذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده
عن جويرية بنت الحرث رضي الله عنها قالت :
( دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم جمعة
وأنا صائمة فقال لي : أصمت أمس ؟ ، قلت : لا ،
قال : تريدين أن تصومي غدا ؟ ،
قلت : لا ، قال فأفطري ) .
توفيت أم المؤمنين جُويرية في المدينة سنة خمسين،
وقيل سنة سبع وخمسين للهجرة وعمرها 65سنة .
فرضي الله عنها ، وعن أمهات المؤمنين أجمعين.