هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن
عمرو الهلالية العامرية ذات النسب الأصيل والمنزلة
العظيمة ،
فأمها هي هند بنت عوف بن الحارث بن حماطة الحميرية
... ، وأخواتها لأبيها وأمها : أم الفضل – أم بني
العباس بن عبد المطلب -
، ولبابة - أم خالد بن الوليد - ، وأختها
لأمها : ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين .
وقد اختلفوا فيمن كان زوجها قبل النبي صلى
الله عليه وسلم ، فقيل إنها كانت عند الطفيل
بن الحارث بن المطلب
بن عبد مناف رضي الله عنه ثم طلقها ، وقيل :
إنها كانت عند ابن عمّها جهم بن عمرو بن
الحارث الهلالي ثم عند
عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه
والذي استشهد في بدر ، وأقرب الأقوال في زواجها
أنها كانت تحت
عبد الله بن جحش رضي الله عنه ، ثم تزوجها النبي
صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها يوم أحد .
والذي يهمّنا أن النبي صلى الله عليه وسلم
تزوّجها مواساة لها فيما أصابها من فقدها
لأزواجها ، ومكافأة لها على
صلاحها وتقواها ، وكان زواجه صلى الله عليه
وسلم بها في رمضان من السنة الثالثة للهجرة
بعد زواجه بحفصة رضي الله عنها
، وقبل زواجه بميمونة بنت الحارث .
وذُكر أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبها
إلى نفسها فجعلت أمرها إليه ، فتزوجها
وأصدقها أربعمائة درهم ،
وأَوْلَمَ عليها جزوراً ، وقيل إن عمّها قبيصة
بن عمرو الهلالي هو الذي تولّى زواجها .
ولم تذكر المصادر التي ترجمت سيرتها إلا
القليل من أخبارها ، خصوصاً ما يتناول
علاقاتها ببقية زوجاته عليه الصلاة والسلام ،
ولعل مردّ ذلك إلى قصر مدة إقامتها في بيت النبوة .
والقدر المهم الذي حفظته لنا كتب السير
والتاريخ ، هو ذكر ما حباها الله من نفس مؤمنة
، امتلأت شغفاً وحبّاً بما عند الله
من نعيم الآخرة ، فكان من الطبيعي أن تصرف
اهتماماتها عن الدنيا لتعمر آخرتها بأعمال
البر والصدقة ، حيث لم تألُ جهداً
في رعاية الأيتام والأرامل وتعهّدهم ،
وتفقّد شؤونهم والإحسان إليهم ، وغيرها
من ألوان التراحم والتكافل ، فاستطاعت
بذلك أن تزرع محبتها في قلوب الضعفاء
والمحتاجين ، وخير شاهد على ذلك ، وصفها
بـ" أم المساكين " ،
حتى أصبح هذا الوصف ملازما لها إلى يوم الدين .
ولم تلبث زينب رضي الله عنها طويلاً في بيت
النبوة ، فقد توفيت في ربيع الآخر سنة
أربع للهجرة عن عمر جاوز الثلاثين عاماً ،
بعد أن قضت ثمانية أشهر مع النبي صلى الله
عليه وسلم ، وقد صلى عليها رسول الله
صلى الله عليه وسلم ودفنها بالبقيع ،
وبذلك تكون ثاني زوجاته به لحوقاً بعد
خديجة بنت خويلد ،
فرضي الله عنها وعن جميع
أمهات المؤمنين